فصل: ذكر شجاعته صلى الله عليه وسلم وجوده:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ (نسخة منقحة)



.ذكر حج أبي بكر رضي الله عنه:

وفيها حج أبو بكر بالناس ومعه عشرون بدنة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولنفسه خمس بدنات، وكان في ثلاثمائة رجل، فلما كان بذي الحليفة أرسل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في أثره علياً وأمره بقراءة سورة براءة على المشركين فأدركه بالعرج، وأخذها منه فعاد أبو بكر وقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أنزل في شيء؟ قال: لا، ولكن لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني، ألا ترضى يا أبا بكر أنك كنت معي في الغار وصاحبي على الحوض؟ قال: بلى، فسار أبو بكر أميراً على الموسم، فأقام الناس الحج وحجت العرب الكفار على عادتهم في الجاهلية، وعلي يؤذن ببراءة، فنادى يوم الأضحى: لا يحجن بعد العام مشركٌ ولا يطوفن بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عهد فأجله إلى مدته فقالوا: نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمك إلا من الطعن والضرب، ورجع المشركون، فلام بعضهم بعضاً وقالوا: ما تصنعون وقد أسلمت قريش؟ فأسلموا.
وفي هذه السنة فرضت الصدقات، وفرق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيها عماله.
وفيها في شعبان توفيت أم كلثوم بنت النبي، صلى الله عليه وسلم، وهي زوج عثمان بن عفان وغسلتها أسماء بنت عميس وصفية بنت عبد المطلب، وقيل: غسلتها نسوة من الأنصار، منهن أم عطية، وصلى عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونزل في حفرتها أبو طلحة.
وفيها مات عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، وكان ابتداء مرضه في شوال، فلما توفي جاء ابنه عبد الله إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فسأله قميصه، فأعطاه، فكفنه فيه، وجاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليصلي عليه، فقام عمر في صدره وقال: يا رسول الله أتصلي عليه وقد قال يوم كذا وكذا وكذا! يعدد أيامه، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يتبسم ثم قال: أخر عني عمر، قد خيرت فاخترت، قد قيل لي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} التوبة: 80؛ ولو علمت أن لو زدت على السبعين غفر لهم لزدت، ثم صلى عليه وقام على قبره حتى فرغ منه، فأنزل الله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلى أحَدٍ مِنْهُمٍ مَاتَ أبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ} الآية التوبة: 84. وفيها نعى النبي، صلى الله عليه وسلم، النجاشي للمسلمين، وكان موته في رجب سنة تسع، وصلى عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفيها توفي أبو عامر الراهب عند النجاشي.

.ذكر الأحداث في سنة عشر:

.ذكر وفد نجران مع العاقب والسيد:

وفيها أرسل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب بنجران في شهر ربيع الآخر وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام ثلاثاً، فإن أجابوا أقام فيهم وعلمهم شرائع الإسلام، وإن لم يفعوا قاتلهم. فخرج إليهم ودعاهم إلى الإسلام، فأجابوا وأسلموا، فأقام فيهم وكتب إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يعلمه إسلامهم، وعاد خالد ومعه وفدهم فيهم قيس بن الحصين بن يزيد بن قينان ذي الغصة ويزيد بن عبد المدان وغيرهما، فقدموا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم عادوا عنه في بقية شوال أو في ذي الحجة، وأرسل إليهم عمرو بن حزم يعلمهم شرائع الإسلام ويأخذ صدقاتهم، وكتب معه كتاباً، وتوفي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن حزم على نجران.
وأما نصارى نجران فإنهم أرسلوا العاقب والسيد في نفر إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأرادوا مباهلته، فخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين، فلما رأوهم قالوا: هذه وجوه لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها، ولم يباهلوه وصالحوه على ألفي حلة ثمن كل حلة أربعون درهماً، وعلى أن يضيفوا رسل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجعل لهم ذمة الله تعالى وعهده ألا يفتنوا عن دينهم ولا يعشروا، وشرط عيهم أن لا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به. فلما استخلف أبو بكر عاملهم بذلك، فلما استخلف عمر أجلى أهل الكتاب عن الحجاز وأجلى أهل نجران، فخرج بعضهم إلى الشام وبعضهم إلى نجرانية الكوفة، واشترى منهم عقارهم وأموالهم. وقيل: إنهم كانوا قد كثروا فبلغوا أربعين ألفاً فتحاسدوا بينهم، فأتوا عمر بن الخطاب وقالوا: أجلنا، وكان عمر بن الخطاب قد خافهم على المسلمين فاغتنما فأجلاهم، فندموا بعد ذلك ثم استقالوه فأبى، فبقوا كذلك إلى خلافة عثمان. فلما ولي علي أتوه وقالوا: ننشدك الله خطك بيمينك. فقال: إن عمر كان رشيد الأمر وأنا أكره خلافه، وكان عثمان قد أسقط عنهم مائتي حلة، وكان صاحب النجرانية بالكوفة يبعث إلى من بالشام والنواحي من أهل نجران بجبونهم الحلل.
فلما ولي معاوية ويزيد بن معاوية شكوا إليه تفرقهم وموت من مات منهم وإسلام من أسلم منهم، وكانوا قد قلوا، وأروه كتاب عثمان، فوضع عنهم مائتي حلة تكملة أربعمائة حلة. فلما ولي الحجاج العراق وخرج عليه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث اتهم الدهاقين بموالاته واتهمهم معهم فردهم إلى ألف وثلاثمائة حلة وأخذهم بحلل وشيٍ. فلما ولي عمر بن عبد العزيز شكوا إليه فناءهم ونقصهم وإلحاح العرب عليهم بالغارة وظلم الحجاج، فأمر بهم فأحصوا ووجدوا على العشر من عدتهم الأولى، فقال: أرى هذا الصلح جزيةً وليس على أرضهم شيء وجزية المسلم والميت ساقطة، فألزمهم مائتي حلة. فلما تولى يوسف بن عمر اثقفي ردهم إلى أمرهم الأول عصبية للحجاج. فلما استخلف السفاح عمدوا إلى طريقه يوم ظهوره من الكوفة فألقوا فيها الريحان ونثروا عليه، فأعجبه ذلك من فعلهم، ثم رفعوا إليه أمرهم وتقربوا إليه بأخواله بني الحارث بن كعب، فكلمه فيهم عبد الله بن الحارث فردهم إلى مائتي حلة. فلما ولي الرشيد شكوا إليه العمال فأمر أن يعفوا من العمال وأن يكون مؤداهم بيت المال.
وفيها قدم وفد سلامان في شوال، وهم سبعة نفر، رأسهم حبيب السلاماني. وفيها قدم وفد غبشان في رمضان، ووفد عامر في شهر رمضان أيضاً. وفيها قدم وفد الأزد رسأهم صرد بن عبد الله في بضعة عشر رجلاً، فأسلم، وأمره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على من أسلم من قومه، وأمره أن يجاهد المشركين، فسار إلى مدينة جرش، وفيها قبائل من ايمن فيهم خثعم، فحاصرهم قريباً من شهر فامتنعوا منه فرجع حتى كان بجبل يقال له كشر، فظن أهل جرش أنه منهزم فخرجوا في طلبه فأدركوه، فعطف عليهم فقاتلهم قتالاً شديداً، وقد كان أهل جرش بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ينظران حاله. فبينما هما عنده إذ قال: بأي بلاد الله شكر؟ فقالا: ببلادنا جبل يقال له كشر. فقال: إنه ليس بكشر ولكنه شكر، وإن بدن الله لتنحر عنده الآن. فقال لهما أبو بكر أبو عثمان: ويحكما إنه ينعى لكما قومكما فاسألاه أن يدعوا الله يرفع عنهم، ففعلا، فقال: اللهم ارفع عنهم، فخرجا من عنده إلى قومهما فوجداهم قد أصيبوا ذلك اليوم في تلك الساعة التي ذكر فيها النبي، صلى الله عليه وسلم، حالهم، وخرج وفد جرش إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأسلموا.
وفيها قدم وفد مراد مع فروة بن مسيك المرادي على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مفارقاً لملوك كندة، وقد كان قبيل الإسلام بين مراد وهمدان وقعة ظفرت فيها همدان وأكثروا القتل في مراد، وكان يقال لذلك اليوم يوم الرزم، وكان رئيس همدان الأجدع بن مالك والد مسروق، وفي ذلك يقول فروة:
فإن نغلب فغلاّبون قدماً ** وإن نهزم فغير مهزّمينا

وما إن طبّنا جبنٌ ولكن ** منايانا ودولة آخرينا

كذاك الدّهر دولته سجالٌ ** تكرّ صروفه حينا وحينا

فبينا ما يسرّ به ويرضى ** ولو لبست غضارته سنينا

إذ انقلبت به كرّات دهرٍ ** فألفى للأولى غبطوا طحينا

ومن يغبط بريب الدّهر منهم ** يجد ريب الزّمان له خؤونا

فلو خلد الملوك إذاً خلدنا ** ولو بقي الكرام إذاً بقينا

فأفنى ذلكم سروات قومٍ ** كما افنى القرون الأوّلينا

ولما توجه فروة إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مفارقاً لقومه قال:
لّما رأيت ملوك كندة أعرضت ** كالرّجل خان الرّجل عرق نسائها

يمّمت راحلتي أؤمّ محمّداً ** أرجو فضائلها وحسن ثرائها

فلما انتهى إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال له: يا فروة هل ساءك ما أصاب قومك يوم الرزم؟ فقال: يا رسول الله من ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومي ولم يسؤه ذلك؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن ذلك لا يزيد قومك في الإسلام إلا خيراً، فاستعمله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على مراد وزبيد ومذحج كلها وبعث معه خالد بن سعيد ابن العاص، فكان على الصدقات إلى أن توفي رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وفيها أرسل فروة بن عمرو الجذامي ثم النفاثي رسولاً إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بإسلامه وأهدى له بغلة بيضاء، وكان فروة عاملاً للروم على من يليهم من العرب، وكان منزله معان في أرض الشام، فلما بلغ الروم إسلامه طلبوه حتى أسروه فحبسوه، فقال في محبسه ذلك:
طرقت سليمى موهناً فشجاني ** والرّوم بين الباب والقربان

صدّ الخيال وساءه ما قد رأى ** وهممت أن أغفي وقد أبكاني

لا تكحلنّ العين بعدي إثمداً ** سلمى ولا تدننّ للإنسان

فلما اجتمعت الروم لصلبه على ماء لهم يقال له عفرى بفلسطين قال:
ألا هل أتى سلمى بأنّ خليلها ** على ماء عفرى فوق إحدى الرّواحل

على ناقةٍ لم يلقح الفحل أمّها ** مشذّبةٍ أطرافها بالمناجل

وهذا من أبيات المعاني. فلما قدموه ليصلبوه قال:
بلّغ سراة المسلمين بأنّني ** سلمٌ لربّي أعظمي ومقامي

ثم ضربوا عنقه وصلبوه.
وفيها قدم وفد زبيد على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مع عمرو بن معدي كرب، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد استعمل على زبيد ومراد فروة بن مسيك في هذه السنة قبل قدوم عمرو، فلما عاد عمرو من عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أقام في قومه بني زبيد وعليهم فروة، فلما توفي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ارتد عمرو.
وفيها قدم وفد عبد القيس على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفيهم الجارود بن عمرو، وكان نصرانياً فأسلم وأسلم من معه، وكان الجارود حسن الإسلام، نهى قومه عن الردة بعد موت النبي، صلى الله عليه وسلم، لما ارتدوا مع الغرور، وهو المنذر بن النعمان، وقد كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعث العلاء بن الحضرمي قبل الفتح إلى المنذر بن ساوى العبدي فأسلم وحسن إسلامه، ثم هلك بعد وفاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقبل ردة أهل البحرين، والعلاء أمير لرسول الله على البحرين.
وفيها قدم وفد بني حنيفة وفيهم مسيلمة، وكان منزله في دار ابنة الحارث امرأة من الأنصار، واجتمع مسيلمة برسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم عاد إلى اليمامة وتنبأ وتكذب لهم وادعى أنه شريك رسول الله في النبوة، فاتبعه بنو حنيفة.
وفيها قدم وفد كندة مع الأشعث بن قيس، وكانوا ستين راكباً، فقال الأشعث: نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار. فقال النبي: صلى الله عليه وسلم: «نحن بنو النضر بن كِنانة لا نَقْفُز أمّنا ولا ننتفي من أبينا».
وفيها قدم وفد محارب. وفيها قدم وفد الرهاويين، وهم بطن من مذحج.
ورهاء بفتح الراء، قاله عبد الغني بن سعيد. وفيها قدم وفد عبس. وفيها قدم وفد صدف، وافوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع. وفيها قدم وفد خولان، وكانوا عشرة.
وفيها قدم وفد بني عامر بن صعصعة فيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس وجبار بن سلمى، بضم السين وبالإمالة، بن مالك بن جعفر وكان هؤلاء الثلاثة رؤوس القوم وشياطينهم، وكان عامر يريد الغدر برسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال له قومه: إن الناس قد أسلموا فأسلم. فقال: لا أتبع عقب هذا الفتى، ثم قال لأربد: إذا قدمنا عليه فإني شاغله فاعله بالسيف من خلفه. فلما قدموا جعل يكلم النبي، صلى الله عليه وسلم، يشغله ليفتك به أربد، فلم يفعل أربد شيئاً، فقال عامر للنبي، صلى الله عليه وسلم: لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً فلما ولى قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفني عامراً فلما خرجوا قال عامر لأربد: لم لم تقتله؟ قال: كلما هممت بقتله دخلت بيني وبينه حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟ ورجعوا، فلما كانوا ببعض الطريق أرسل الله على عامر بن الطفيل الطاعون فقتله، وإنه لفي بيت امرأة سلولية، فمات وجعل يقول: يا بني عامر أغدة كغدة البعير وموتٌ في بيت سلولية؟! وأرسل الله على أربد صاعقة فأحرقته، وكان أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة لأمه.
وفيها قدم على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفد طيء فيهم زيد الخيل، وهو سيدهم، فأسلموا وحسن إسلامهم. وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ما ذُكر لي رجل من العرب بفضلٍ ثمّ جاءني إلاّ رأيتُهُ دون ما يقال فيه إلاّ ما كان من زيد الخيل»، ثم سماه زيد الخير وأقطع له فيد وأرضين معها. فلما رجع أصابته الحمى بقرية من نجد فمات بها.
وفيها كتب مسيلمة الكذاب إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يذكر أنه شريكه في النبوة، وأرسل الكتاب مع رسولين، فسألهما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عنه، فصدقاه. فقال لهما: لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما.
وكان كتاب مسيلمة: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد فإني قد أشركت معك في الأمر وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشاً قوم يعتدون.
فكتب إليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «بسم اله الرحمن الرحيم، من محمّد رسول الله إلى مسيلمة الكذّاب، أمّا بعد فالسّلام على مَنِ اتّبع الهُدى، فإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين».
وقيل: إن دعوى مسيلمة وغيره النبوة كانت بعد حجة الوداع ومرضته التي مات فيها. فلما سمع الناس بمرضه وثب الأسود العنسي باليمن، ومسيلمة باليمامة، وطليحة في بني أسد.

.ذكر إرسال علي إلى اليمن وإسلام همدان:

في هذه السنة بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، علياً إلى اليمن، وقد كان أرسل قبله خالد بن الوليد إليهم يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، فأرسل علياً وأمره أن يعقل خالداً ومن شاء من أصحابه، ففعل، وقرأ علي كتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على أهل اليمن، فأسلمت همدان كلها في يوم واحد، فكتب بذلك إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام على همدان، يقوله ثلاثاً، ثم تتابع أهل اليمن على الإسلام، وكتب بذلك إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسجد شكراً لله تعالى.

.ذكر بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراءه على الصدقات:

وفيها بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أمراءه وعماله على الصدقات، فبعث المهاجرين بن أبي أمية بن المغيرة إلى صنعاء، فخرج عليه العنسي وهو بها، وبعث زياد بن لبيد الأنصاري إلى حضرموت على صدقاتهم، وبعث عدي بن حاتم الطائي على صدقات طيء وأسد، وبعث مالك بن نويرة على صدقات بني حنظلة، وجعل الزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم على صدقات سعد بن زيد مناة بن تميم، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين، وبعث علي بن أبي طالب إلى نجران ليجمع صدقاتهم وجزيتهم ويعود، ففعل وعاد، ولقي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بمكة في حجة الوداع، واستخلف على الجيش الذي معه رجلاً من أصحابه، وسبقهم إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فلقيه بمكة، فعمد الرجل إلى الجيش فكساهم كل رجل حلة من البز الذي مع علي، فلما دنا الجيش خرج علي ليتلقاهم فرأى عليهم الحلل، فنزعها عنهم، فشكاه الجيش إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقام النبي، صلى الله عليه وسلم، خطيباً فقال: «أيّها النّاس لا تشكو عليّاً فوالله إنه لأخْشَنُ في ذات الله وفي سبيل الله».

.ذكر حجة الوداع:

خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى الحج لخمس بقين من ذي القعدة لا يذكر الناس إلا الحج، فلما كان بسرف أمر الناس أن يحلوا بعمرة إلا من ساق الهدي، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد ساق الهدي وناس مع، وكان علي بن أبي طالب قد لقيه محرماً، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: حل كما حل أصحابك. فقال: إني قد أهللت بما أهل به رسول الله، فبقي على إحرامه، ونحر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الهدي عنه وعن علي وحج بالناس فأراهم مناسكهم وعلمهم سنن حجهم وخطب خطبته التي بين فيها للنا ما بين، وكان الذي يبلغ عنه بعرفه ربيعة بن أمية بن خلف لكثرة الناس، فقال بعد حمد الله:
أيها الناس اسمعوا قولي فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً. أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، وكل رباً موضوع كلم رؤوس أموالكم، وإن ربا العباس بن عبد المطلب موضوعٌ كله، وكل دم كان في الجاهلية موضوعٌ، وأول دم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل. أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه أبداً ولكنه يطاع فيما سوى ذلك وقد رضي بما تحقرون من أعمالكم. أيها الناس {إنَّمَا النَّسيءُ زِيَادَةٌ في الكُفْرِ} التوبة: 37، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، و{إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً} التوبة: 36. أيها الناس استوصوا بالنساء خيراً. وهي خطبة طويلة.
وقال حين وقف بعرفة: هذا الموقف- للجبل الذي هو عليه- وكل عرفة موقف. وقال بالمزدلفة: هذا الموقف وكل مزدلفة موقف. ولما نحر بمنى قال: هذا المنحر وكل منى منحر. فقضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الحج، وكانت حجة الوداع وحجة البلاغ، وذلك أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يحج بعدها، وأرى الناس مناسكهم وعلمهم حجتهم.

.ذكر عدد غزواته صلى الله عليه وسلم وسراياه:

وكان آخر غزوة غزاها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بنفسه غزوة تبوك، وجميع غزواته بنفسه تسع عشرة غزوة. قال الواقدي: هكذا يرويه أهل العراق عن زيد بن أرقم، وهو خطأ لأنه زيداً غزا مؤتة مع عبد الله بن رواحة وهو رديفه على رحله، ولم يغز مع النبي، صلى الله عليه وسلم، غير ثلاث غزوات أو أربع، وقيل: غزا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ستاً وعشرين غزوة، وقيل: سبعاً وعشرين، فمن قال: ستاً وعشرين جعل غزوة خيبر ووادي القرى واحدة لأنه لم يرجع من خيبر إلى منزله، ومن فرق بينهما جعل غزواته سبعاً وعشرين، جعل خيبر غزوة ووادي القرى غزوة.
وأول غزوة غزاها ودان، وهي الأبواء، ثم بواط بناحية رضوى، ثم العشيرة، ثم بدر الأولى لطلب كرز بن جابر، ثم بدر التي قتل فيها قريشاً، ثم غزوة بني سليم، ثم غزوة السويق، ثم غزوة غطفان، وهي غزوة ذي أمر، ثم غزوة بحران بالحجاز، ثم غزوة أحد، ثم غزوة حمراء الأسد، ثم غزوة بني النضير، ثم غزوة ذات الرقاع، ثم غزوة بدر الآخرة، ثم غزوة دومة الجندل، ثم غزوة الخندق، ثم غزوة بني قريظة، ثم غزوة بني لحيان من هذيل، ثم غزة ذي قرد، ثم غزوة بني المصطلق، ثم غزوة الحديبية، ثم غزوة خيبر، ثم عمرة القضاء، ثم غزوة فتح مكة، ثم غزوة حنين، ثم غزوة الطائف، ثم غزوة تبوك؛ قاتل منها في تسع غزوات: بدر وأحد والخندق وقريظة والمصطلق وخيبر والفتح وحنين والطائف.
واختلف في عدد سراياه، فقيل: كانت خمساً وثلاثين ما بين سرية وبعث، وقيل: ثمانياً وأربعين.
وفي هذه السنة قدم جرير بن عبد الله البجلي في رمضان مسلماً، فبعثه إلى ذي الخلصة فهدمها، وكان من حجر أبيض بتبالة، وهو صنم بجيلة وخثعم وأزد السراة، فلما أتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خبر هدمه سجد شكراً لله تعالى.
وفيها أسلم باذان باليمن وبعث بإسلامه إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

.ذكر عدد حج النبي صلى الله عليه وسلم وعمره:

قال جابر: حج النبي، صلى الله عليه وسلم، حجتين، حجة قبل أن يهاجر وحجة بعدما هاجر معها عمرة. وقال ابن عمر: اعتمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثلاث عمر، وقالت عائشة: أربع عمر، وروي مثل ذلك عن ابن عمر.

.ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأسمائه وخاتم النبوة:

قال علي بن أبي طالب: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليس بالطويل ولا بالقصير، ضخم الرأس واللحية، شئن الكفين والقدمين، ضخم الكراديس، مشرباً وجهه حمرةً، طويل المسربة، إذا مشى تكفأ تكفؤاً كأنما ينحط من صبب، لم أر قبله ولا بعده مثله، وكان أدعج العينين، سبط الشعر، سهل الخدين، ذا وفرة، كأن عنقه إبريق فضة، وإذا التفت التفت جميعاً، كأن العرق في وجهه اللؤلؤ الرطب لطيب عرقه وريحه.
قال أبو عبيدة وغيره: شئت الكفين والقدمين، يعني أنهما إلى الغلظ أقرب، وقوله: ضخم الكراديس، يعني ألواح الأكتاف، والمسربة الشعر ما بين السرة واللبة، والصبب الانحدار، والدعج في العين السواد، والسبط من الشعر ضد الجعد.
وكان بين كتفيه، صلى الله عليه وسلم، خاتم النبوة، وهي بضعة ناشزة حولها شعر.
وأما أسماؤه فهي كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أنا محمّد، وأنا أحمد والمقفّي والحاشر ونبّي الرحمة ونبّي التوبة ونبّي الملحمة والعاقب والماحي الذي يمحو الله به الكُفْر. والحاشر الذي يحشر النّاس على قدمه. والعاقب آخر الأنبياء».
وأما شعره وشيبه فقال أنس: لم يشنه الله بالشيب، وقيل: كان في مقدم لحيته عشرون شعرة بيضاء ولم يخضب. قال جابر بن سمرة: وكان في مفرق رأسه شعرات بيض إذا دهنه غطاهن الدهن، وأخرجت أم سلمة شعره مخضوباً بالحناء والكتم. وقال أبو رمثة: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يخضب، وكان شعره يبلغ كتفيه أو منكبيه. وقالت أم هانئ: كان له ضفائر أربع.

.ذكر شجاعته صلى الله عليه وسلم وجوده:

قال أنس: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أشجع الناس، وأسمح الناس، وأحسن الناس، وقع في المدينة فزع فركب فرساً عرياً فسبق الناس إليه فجعل يقول: أيها الناس لم تراعوا. وقال علي بن أبي طالب: كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكان أقربنا إلى العدو، وكفى بهذا شجاعةً أن مثل علي الذي هو هو في شجاعته يقول هذا، وقد تقدم في غزواته ما يستدل به على تمكنه من الشجاعة وأنه لم يقاربه فيها أحدٌ.

.ذكر عدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وسراريه وأولاده:

قال ابن الكلبي: إن النبي، صلى الله عليه وسلم، تزوج خمس عشرة امرأة، ودخل بثلاث عشرة، وجمع بين إحدى عشرة، وتوفي عن تسع. وأول امرأة تزوجها خديجة بنت خويلد، وكان تزوجها قبله عتيق بن عائذ بن عبد الله بن مخزوم ومات عنها، وتزوجها بعد عتيق أبو هالة بن زرارة بن نباش التميمي، فولدت له هند بن أبي هالة، ثم مات عنها، فتزوجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فولدت له ثمانية: القاسم والطيب والطاهر وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، فأما الذكور فماتوا وهم صغار، وأما الإناث فبلغن ونكحن وولدن، ولم يتزوج على خديجة في حياتها أحداً وكان موتها قبل الهجرة بثلاث سنين، ولم يولد له ولد من غيرها إلا إبراهيم.
فلما توفيت خديجة نكح بعدها سودة بنت زمعة، وقيل عائشة، فأما عائشة فكانت يوم تزوجها صغيرة بنت ست سنين، وأما سودة فكانت امرأة ثيباً، وكانت قبله عند السكران بن علمرو بن شمس أخي سهيل بن عمرو، وكان من مهاجرة الحبشة فتنصر بها ومات، فخلف عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو بمكة، وكان الذي خطبها عليه خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مظعون، فدخل بسودة بمكة، زوجها منه أبوها زمعة بن قيس، فلما تزوجها كان أخوها عبد بن زمعة غائباً، فلما قدم جعل يحثي التراب على رأسه، فلما أسلم قال: إني سفيهٌ حيث فعلت ذلك، وندم على ما كان منه.
وأما عائشة فدخل بها بالمدينة وهي ابنة تسع سنين، ومات عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة، ولم يتزوج بكراً غيرها، ومات سنة ثمان وخمسين.
ثم تزوج بعدها حفصة بنت عمر بن الخطاب، وكانت قبله عند خنيس بن حذافة السهمي خنيس بالخاء المعجمة والنون والسين المهملة، وكان بدرياً، ولم يشهد من بني سهم بدراً غيره، ولم تلد له شيئاً، وماتت بالمدينة في خلافة عثمان.
ثم تزوج بعدها أم سلمة ابنة أبي أمية زاد الركب المخزومية، وكانت قبله عند أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، شهد بدراً وأصابته جراحة يوم أحد فمات منها، وتزوجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل الأحزاب، وماتت سنة تسع وخمسين، وقيل: بعد قتل الحسين، رضي الله عنه.
ثم تزوج زينب بنت خزيمة من بني عامر بن صعصعة، ويقال لها أم المساكين، وتوفيت في حياته، ولم يمت في حياته غيرها وغير خديجة بنت خويلد، وكانت زينب قبله عند الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب.
ثم تزوج عام المريسيع جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار الخزاعية من بني المصطلق، وكانت قبله عند مالك بن صفوان المصطلقي، لم تلد له شيئاً.
ثم تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وكانت عند عبيد الله بن جحش، وكان من مهاجرة الحبشة فتنصر ومات بها، فأرسل النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى النجاشي فخطبها عليه وتزوجها وهي بالحبشة، وزوجها منه خالد بن سعيد بن العاص، وقيل: بل خطبها إلى عثمان بن عفان فزوجها منه، وبعث فيها إلى النجاشي فساق منه المهر أربعمائة دينار وأرسلها إليه، وتوفيت في خلافة أخيها معاوية فلم تلد له شيئاً.
ثم تزوج زينب بنت جحش، وكانت قبله عند زيد بن حارثة مولاه، فلم تلد له شيئاً، فزوجها الله إياه وبعث في ذلك جبرائيل، وكانت تفخر على نساء النبي، صلى الله عليه وسلم، وتقول: أنا أكرمهن ولياً وسفيراً، وهي أول من توفي من أزواجه، توفيت بعده في خلافة عمر.
ثم تزوج عام خيبر صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت قبله تحت سلام بن مشكم فتوفي عنها، وخلف عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، فقتله محمد بن مسلمة صبراً بأمر النبي، صلى الله عليه وسلم، ثم أعتقها النبي، صلى الله عليه وسلم، وتزوجها سنة ست، وماتت سنة ست وثلاثين.
ثم تزوج ميمونة ابنة الحارث الهلالية، وكانت قبله عند عمير بن عمرو الثقفي، ولم تلد له شيئاً، ثم خلف عليها أبو زهير بن عبد العزى بعد عمير، ثم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعده، وهي خالة ابن عباس وخالد بن الوليد، وتزوجها في عمرة القضاء بسرف.
ثم تزوج امرأة من بني كلاب يقال لها النشا بنت رفاعة، وقيل: هي شنبا ابنة أسماء بن الصلت، وقيل: ابنة الصلت بن حبيب، توفيت قبل أن يدخل بها.
ثم تزوج الشنبا ابنة عمرو الغفارية، وقيل الكنانية، فمات إبراهيم ابنه قبل أن يدخل بها، فقالت: لو كان نبياً ما مات ابنه، فطلقها.
ثم تزوج غزية ابنة جابر الكلابية، خطبها عليه أبو أسيد، بضم الهمزة، الساعدي، فلما قدمت على النبي، صلى الله عليه وسلم، استعاذت بالله منه ففارقها.
ثم تزوج أسماء ابنة النعمان بن الأسود بن شراحل الكندي، فلما دخل بها وجد بها بياضاً فمتعها وردها إلى أهلها، وقيل: بل استعاذت منه أيضاً فردها.
والعالية ابنة ظبيان فجمعها ثم فارقها.
وقتيلة بنت قيس أخت الأشعث فتوفي عنها قبل أن يدخل بها، فارتدت.
وفاطمة ابنة سرع.
وقال ابن الكلبي: غزية هي أم شريك. قال: وقيل: إنه تزوج خولة ابنة الهذيل بن هبيرة، وليلى ابنة الخطيم الأنصارية عرضت نفسها عليه فتزوجها، فأخبرت قومها، فقالوا: أنتِ غيور وله نساء فاستقيليه فأقالته ففارقها.
وأما من خطب النبي، صلى الله عليه وسلم، من النساء، ولم ينكحها فمنهن أم هانئ بنت أبي طالب خطبها ولم يتزوجها. ومنهن ضباعة بنت عامر من بني قشير. ومنهن صفية بنت بشامة أخت الأعور العنبري. ومنهن أم حبيبة ابنة عمة العباس، فوجد العباس أخاه من الرضاعة فتركها. ومنهن جمرة ابنة الحارث بن أبي حارثة خطبها، فقال أبوها: بها سوء، ولم يكن بها، فرجع إليها فوجدها قد برصت.
وأما سراريه فهي مارية ابنة شمعون القبطية، وولدت له إبراهيم؛ وريحانة ابنة زيد القرظية، وقيل: هي من بني النضير.